عربي ودولي



غزة بعد الحرب.. معارك طاحنة وإرادة الفلسطيني تنتصر

الجمعة - 21 فبراير 2025 - 04:38 م

غزة بعد الحرب.. معارك طاحنة وإرادة الفلسطيني تنتصر

أحداث العالم المركز الفلسطيني للاعلام

توقفت الحرب قبل شهر تقريبا، لكن حروبا أخرى ما زالت تطحن الغزيين، وتدور بهم في حلقات من المعاناة والنصب، فكل مناحي الحياة في غزة لم تعد كما كانت.

فقد أصبح لكل أمر صغير كثير من التفاصيل المرهقة التي تسرق الوقت والجهد وتضفي على الحياة ألوانا قاتمة صعبة لا يمكن لأحد أن يتحملها إلا إذا كان فلسطينياً ويعيش في قطاع غزة على وجه الخصوص.

عاد النازحون إلى مناطق سكناهم في وسط وشمال وجنوب قطاع غزة، فبدأت التفاصيل تسرقهم من أنفسهم، فيمر الوقت سريعا من شدة بطء الحياة التي يحياها الناس الذين بات الحصول على أبسط مقومات حياتهم البديهية كالطعام والشراب والمأوى أمراً صعبا لا يمكن الحصول عليه بسهولة.

رغم كل شيء.. إرادة الحياة تنتصر

“أبو محمد. ع” يعيش في منطقة المخيم الجديد شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وتعرض بيته لأضرار كبيرة، حيث يصنف وفق التصنيفات المتعارف عليها في قطاع غزة، بأنه مدمر بشكل بليغ وغير صالح للسكن.

هذا البيت شبه المدمر كلياً، أصبح اليوم مسكناً يؤوي عائلة الحاج الستيني أبو محمد، وابنيه المتزوجين وأحفاده، رغم أنه فعليا لا يصلح للسكن.

منذ أول أيام وقف إطلاق النار ونحن نعمل على إعادة الحياة إلى هذا البيت الذي لا نملك سواه، العمل فيه لا يتوقف، وكلما قلنا أننا انتهينا من أعمال التنظيف ومحاولات الإصلاح، نعود في اليوم التالي لنجد عملا آخر يلزم إنهاؤه ولا يمكن الاستغناء عن إنجازه”، يقول الحاج “أبو محمد”.

يبدو جليا التعب على الحاج أبو محمد وولديه، فقد أزالا ركاما كبيرا تكدس داخل منزلهم، واستبدلوا الجدران الاسمنتية بحوائط من قماش ونايلون، ومطبخهم الجميل بطاولة من بقايا أثاث منزلهم الذي أصبح حطاما، وبراميل المياه التي كانت أعلى المنزل بأخرى تم ترقيعها وضعوها بجوار باب البيت ليسهل عليهم تعبئتها واستخدام المياه بسهولة.

لا شبكات كهرباء ولا مياه ولا انترنت ولا صرف صحي أصبح متاحاً في المنطقة التي يعيش فيها أبو محمد، فقد تعرضت المنطقة لعدوان صهيوني متكرر خلال الحرب الصهيونية على غزة والتي استمرت 15 شهراً.

“عدنا سنوات طويلة إلى الوراء، أرادوا أن يجعلوا أماكن سكننا إلى مناطق غير قابلة للحياة، لكننا سنزرع فيها الحياة، وسنصنع المستحيل للبقاء هنا، نحن لا يمكن لنا أن نقبل بالخروج من هنا أو الهجرة لا طوعياً ولا قسرياً، نحن نموت هنا ولا نترك أرضنا” يقول أبو محمد.

لا هجرة رغم الصعوبات

“أما “أبو هاني.ر” فقد دمر قصف صهيوني منزله ومنزل أبنائه الخمسة الواقع إلى الغرب من منطقة المخيم الجديد غرب مخيم النصيرات.

بحث أبو هاني أبنائه مطولاً عن مكان يجمعهم، بعد عودتهم من نزوح طويل في منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، دون جدوى.

فالشقق المخصصة للإيجار والتي باتت نادرة للغاية، أصبحت ثمن إيجارها مرتفعا، عدا عن كون كثير منها غير صالح للسكن سواء بسبب استهداف البنايات أو بنايات مجاورة لها، وهو ما دفع العائلة الممتدة للجوء إلى الخيار الصعب.

“بجوار منزلنا مدرسة تم هدمها بالكامل، نظفنا إحدى زواياها الفارغة من الركام، ونصبنا مجموعة من الخيام بداخلها، ومنذ أيام طويلة ونحن نعمل من أجل أن تصبح هذه المنطقة التي أصبحت بيتنا مكاناً صالحاً للعيش”، يقول أبو هاني.


تمر الأيام على عائلة أبو هاني سريعة بطيئة في الوقت ذاته، فالأيام تمضي سريعة وعداد أيام التهدئة يمر سريعا، لكنها بطيئة بسبب التعب وكثرة الأعمال والإرهاق الشديد الناجم عنها.

أبو هاني يرى أن الاحتلال أراد من الدمار المهول الذي تركه في غزة أن يجعله مكاناً طارداً للسكان، يسخط أهله ومن تبقى منهم على المقاومة ويحملها مسؤولية الدمار وقسوة الحياة، لكنه يؤكد أن العكس هو الحاصل تماماً، “فكلما أراد الاحتلال دفع الناس للهجرة ازداد تمسكهم بأرضهم، وتعاظمت إرادتهم في مواجهة الظروف والعودة من جديد”، وفق تعبيره.

الاحتلال يعقد الأزمات أكثر

ويضفي تعطيل الاحتلال تنفيذ “البروتوكول الإنساني” أعباء إضافية على الغزيين، ويضعهم في موقف حرج أكثر في التعامل مع ظروف حياتهم المأساوية.

ووفق شهادة كثير ممن قابلناهم، فإن تأخير إدخال الاحتلال ومستلزمات الإعمار وبدائل الكهرباء ومستلزمات الإيواء كالخيام والكرفانات، أضفى مزيداً من التعقيدات على مشهد الحياة اليومية في غزة.

فرغم مقاربة المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار على الوصول إلى نهايتها الزمنية، فإن الاحتلال الصهيوني لا يكل ولا يمل من المحاولة للتنصل من تنفيذ اتفاق البروتوكول الإنساني الذي تم الاتفاق عليه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في التاسع عشر من الشهر الماضي.


وقال رئيس حركة حماس في قطاع غزة خليل الحية، في تصريح متلفز، إن حركته والمقاومة أظهرتا جدية كاملة في تنفيذ الاتفاق، في حين واصل الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو “التلكؤ ومحاولات التهرب” من الالتزامات، خاصة في الجانب الإنساني المتعلق بإدخال المساعدات والآليات الثقيلة لإنقاذ الجثامين من تحت الأنقاض.

وأشار إلى أن الحركة تعمل مع الوساطات القطرية والمصرية “ليل نهار” لإلزام الاحتلال بتنفيذ بنود المرحلة الأولى، التي تشمل توفير مواد الإغاثة والوقود وبدائل الكهرباء، وتمكين الصيادين من مزاولة عملهم، وتسهيل حركة السفر عبر المعابر، بهدف تخفيف معاناة السكان وتثبيتهم في أرضهم.

وشدد على ضرورة إلزام الاحتلال بتنفيذ جميع البنود دون مماطلة، خاصة السماح بدخول المعدات الثقيلة لانتشال جثامين الشهداء وأسرى الاحتلال الذين قُتلوا جراء القصف الصهيوني، محذرا من استمرار “المماطلة في التفاوض حول المرحلة الثانية”، التي كان من المفترض بدؤها في اليوم الـ16 من توقيع الاتفاق.


وأوضح أن حماس جاهزة للتفاوض الفوري حول بنود المرحلة الثانية، والتي تشمل “وقفا تاما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا للقوات الإسرائيلية من غزة، وإتمام صفقة تبادل أسرى شاملة في رزمة واحدة”، مع ضرورة تحصين ذلك بضمانات دولية ملزمة وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2735.

وباختصار.. فإن معركة عظيمة يخوضها الفلسطيني مع نفسه التي تريد حياة كريمة يسيرة ميسرة، ومع عدوه الذي بات يتحدث عن تهجيره واقتلاعه من أرضه بكل صلف وبدون أدنى أخلاق يمكن أن يمتلكها أي إنسان.

والناظر إلى الغزيين يجد أنهم وضعوا لأنفسهم نتيجة واحدة لهذه المعركة، وهو الانتصار فيها على أنفسهم وعلى عدوهم، لتنتصر قضيتهم ويتحقق حلمهم بتطهير الأرض والمقدسات، واسترجاع كرامة المسلمين في كل أرجاء الأرض، والعودة إلى ديارهم التهي هجروا منها يوماً ما قبل قرابة ثمانية عقود.





شاهد ايضا


واس: اللقاء التشاوري في الرياض ناقش الجهود المشتركة الداعمة للقضية الف ...

السبت/22/فبراير/2025 - 11:43 ص

بدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، عُقِد لقاء أخوي تشاوري في مدينة الرياض بمشاركة قادة دول الخليج والأردن ومصر، إذ جر


حماس تسلم الدفعة الأولى للصليب الأحمر في رفح ...

السبت/22/فبراير/2025 - 11:15 ص

أفرجت حركة حماس عن 6 رهائن إسرائيليين من غزة، السبت، مقابل إطلاق سراح مئات السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، في إطار عملية التبادل السابعة. وتجمع مسلحون


الجيش السوداني يحرز تقدما في مدينة الفاشر ...

السبت/22/فبراير/2025 - 11:04 ص

أفاد مراسل قناة العربية نزار البقداوي أن الجيش السوداني أحرز تقدما في مدينة الفاشر شمال دارفور التي لا تزال محاصرة من قبل الدعم السريع منذ مايو الماضي