مقالات صحفية
غزة..أسطورة القرن وطوفان التغيير
الأحد - 09 فبراير 2025 - الساعة 08:20 م
تفاجأتُ بالكثير من الأحداث الأخيرة في قارب الحقيقة، واليوم يتفاجأ العالم من تصريح ترامب بشأن احتلال غزة.
لماذا يتفاجأ الجميع من أبسط الأمور، بينما لم أعد أتفاجأ بأي شيء؟
الجميع يدرك أن هذه الرقعة الجغرافية الصغيرة، غزة، هي أعظم أرض في القرن الواحد والعشرين، أسطورة صنعت التاريخ.
لقد عاشت – وما زالت تعيش – منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى القرن الواحد والعشرين ويلات الحروب، وكان آخرها الحرب العبثية الأخيرة التي كشفت عن زيف النظام العالمي وقوانينه.
ورغم معاناتها، منحت غزة للعالم الكثير من الحقائق والمفاهيم، وأظهرت أعظم الأسرار المخفية.
فهي بأهلها وتاريخها منذ أقدم العصور أرضٌ مباركة، تنجب العظماء الذين يصنعون الخير ويسطرون صفحات التاريخ، وقلبها ينبض بالقوة، ويقاوم الظلم والباطل في وجه الشر العالمي.
بدأت غزة بـ طوفان الأقصى، الطوفان الأعظم،
وقلت حينها لأحد أصدقائي: إما أن ينتهي خلال أسابيع بانتصار حقيقي للفلسطينيين، أو أن يجرف الشرق الأوسط كله، لتكون إرهاصاته بداية لاجتثاث النفوذ الأمريكي من المنطقة، وربما حتى الشرارة الأولى لحرب عالمية ثالثة تعيد للأمة العربية والإسلامية مكانتها وتعمل على ترتيب أوراقها من جديد.
وفعلًا، كشفت أحداث غزة عن فرصة كبرى للوعي العربي والإسلامي، وكانت أعظم انتفاضة لصحوة الأمة رغم قسوة المعاناة وآلامها التي أرهقت الجميع نفسيًا وروحيًا.
ولأنها صنعت الرعب في قلوب أعدائها، وبما حدث لأبنائها أمام الصمت العالمي والتخاذل والوهن العربي والاسلامي، فقد تركت في قلب كل طفل وشاب وامرأة وكهل فلسطيني وعربي واسلامي، لذة الشوق لتحقيق النهضة، والسعي إلى امتلاك القوة، حتى يأتي اليوم الذي تُكسر فيه يد أمريكا في الشرق، ويُستأصل السرطان الإمبريالي الاستعماري وأداته الصهيونية: إسرائيل.
تمر غزة والأمة الإسلامية والعربية اليوم بأصعب الأوقات، لكنها أكثر عزيمة من أي وقت مضى على رفض كل ما هو دخيل والتخلص مما أصابها من أدران الاستعمار.
نعم جاء طوفان الأقصى ولم ينتهي، ولن ينتهي بسهولة كما يظن ترامب. فهو يعتقد أنه سيكسر إرادة الغزاويين، لكن الغزاويين أثبتوا للجميع عكس ذلك وأنهم أسطورة القرن.
لقد رسم الشيخ أحمد ياسين ورفاقه الأبطال – إسماعيل هنية، صالح العاروري، يحيى السنوار، محمد الضيف، يحيى عياش، وغيرهم – ملامح هذه الأسطورة، وجعلوها تنبض في قلب العالم.
غادروا بعدما أكملوا دورهم، لكن أثرهم باقٍ، والأسطورة التي صنعوها مستمرة.
أما ترامب، فقد أراد أن يجعل من نفسه أسطورة، لكنه أصبح أضحوكة أمام العالم، حتى الكلب غولان، زعيم الحزب الديمقراطي الإسرائيلي، قال إن تصريحاته مجرد وهم لا يمكن تطبيقه، وهو كلام سخيف لا يحمل أي حقيقة.
حينها أدركت أن طوفان الأقصى مستمر، وأن غزة، أرض الصمود وأرض الخير، لا تزال تمضي نحو الانفجار الأعظم الذي سيغير وجه العالم.
وعندما ينتهي هذا الانفجار، لن يكون هناك وجود للولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل على وجه الأرض.
وحينها ما سنراهُ هو طفل الانقاذ واحفاد أطفال الحجارة، زعماء التاريخ هم الوحيدوه الباقون على هذا الأرض .