مقالات صحفية
القردعي كيف ألهم ثورةً وأشعل فتيل الجمهورية؟
الأحد - 16 فبراير 2025 - الساعة 05:27 م
في تاريخ اليمن المعاصر، تتردد أسماءٌ خالدةٌ، نقشت حروفها بأحرفٍ من نورٍ في سجلّ الوطن، وحفرت بصماتها بعمقٍ في ذاكرة الأجيال. من بين هؤلاء الأبطال، يسطع اسم الشيخ علي ناصر القردعي، كرمزٍ للثبات الوطني، وقائدٍ فذٍّ، أشعل فتيل الثورة، وزلزل عرش الإمامة.
القردعي: سيرةٌ عطرةٌ في زمنٍ عصيب
وُلد القردعي في كنف قبائل مراد الشامخة، وتشرب من عزّها وإبائها، فشبّ شجاعًا مقدامًا، ذا بصيرةٍ نافذةٍ، وقدرةٍ على قيادة الجموع. في زمنٍ كانت فيه اليمن ترزح تحت نير الإمامة، وتئنّ من جورها واستبدادها، انتفض القردعي، رافضًا الذل والهوان، ومُعلنًا ثورةً شعواء على الطغيان.
ثورة الدستور: القردعي في طليعةِ الثائرين
كان القردعي في طليعةِ قادة ثورة الدستور عام 1948، تلك الثورة التي فجرت غضب الشعب اليمني على الإمامة، وكشفت عن مدى تغلغل الظلم والاستبداد في مفاصل الدولة. لقد كان القردعي صوتًا مدويًا، صدح بالحق، ودعا إلى التغيير، فاستحق لقب "مُفجِّر الثورة".
اغتيال الإمام يحيى: ضربةٌ موجعةٌ للنظام الإمامي
في السابع عشر من فبراير عام 1948، نفّذ القردعي ورفاقه الأبطال عمليةً جريئةً، تم خلالها اغتيال الإمام يحيى حميد الدين، طاغية اليمن، الذي حكم البلاد بالحديد والنار. كانت هذه العملية بمثابة زلزالٍ هزّ أركان النظام الإمامي، وأشعل شرارة الأمل في قلوب اليمنيين.
القردعي: إرثٌ من النضال، وإلهامٌ للأجيال
لم يقتصر تأثير القردعي على زمنه، بل امتدّ ليشمل الأجيال اللاحقة، فأصبح رمزًا للنضال من أجل الحرية والكرامة. لقد ترك إرثًا عظيمًا من القيم والمبادئ، التي لا تزال تلهم الشباب اليمني حتى اليوم.
في الذكرى السابعة والسبعين لاستشهاده:
في الذكرى السابعة والسبعين لاستشهاد هذا البطل الشجاع، نستذكر كيف أن القردعي لم يكن مجرد ثائر عادي، بل كان رمزا لحقبة جديدة تخلت فيها اليمن عن عباءة الاستبداد. لقد زلزل نظام الإمامة بجرأته، وأسهم في نضال الشعب اليمني من أجل الحرية. لكن ما يعنينا اليوم هو كيف يمكننا استلهام دروس تلك الثورة في مواجهة التحديات الراهنة.
دعوةٌ إلى إحياء الذكرى، واستلهام العبر:
إن غياب الكثير من هذه الشخصيات المهيبة من المناهج الدراسية والأساسية التي يتلقاها الجيل الناشئ يعد جريمة بحق التاريخ. يجب أن نعمل على إعادة توجيه الأنظار نحو هذه الشخصيات الفاعلة، مثل القردعي، لنغرس في نفوس الأجيال القادمة أهمية المقاومة والنضال من أجل الحقوق والحرية. إن جمال التاريخ يكمن في تذكّر هؤلاء الأبطال الذين أبلوا بلاءً حسنًا في أصعب الأوقات.
إننا مدعوون اليوم، ونحن نستذكر القردعي، إلى مواجهة التحديات المعاصرة بشجاعة وإصرار. يجب علينا أن نعزز من روح المقاومة في نفوس الشباب، ليكونوا هم الحماة اللاحقون لتاريخهم وماضيهم المجيد. إن إحياء ذكرى القردعي لا يعني فقط استذكار الإنجازات، بل يتطلب أيضًا الفهم الأعمق لضرورة العمل من أجل وطن حر، بعيد عن الظلم والتغاضي عن التاريخ."