مقالات صحفية


خذلان غير مسبوق: صمت عربي ودولي أمام مأساة غزة..مجزرة مستمرة وعالم بلا ضمير

الإثنين - 24 مارس 2025 - الساعة 01:54 م

د. عبدالقادر لطف الخلي
الكاتب: د. عبدالقادر لطف الخلي - ارشيف الكاتب



في ظل المجازر اليومية التي ترتكبها إسرائيل بحق أهلنا في غزة، يقف العالم بأسره، وعلى رأسه القادة العرب، موقف المتفرج الصامت، وكأن الدماء التي تُسفك ليست دماء بشرية، وكأن أشلاء الأطفال التي تملأ الشوارع ليست سوى مشاهد عابرة في مسلسل رعب لا يعني أحدًا.

إن ما يحدث في غزة ليس مجرد حرب، بل عملية إبادة ممنهجة وتهجير قسري يهدف إلى اجتثاث شعب بأكمله، ومع ذلك، لم نسمع صوتًا عربيًا رسميًا يقول لإسرائيل "كفى"، ولم نرَ موقفًا دوليًا جادًا يضع حدًا لهذا الإجرام. ما هذا الصمت؟ أهو خوف؟ أم خضوع؟ أم أن ضمير العالم قد مات، ولم يبقَ سوى لغة المصالح السياسية والاقتصادية؟

الأنظمة العربية: موتى بلا قبور

من المخزي أن نرى قادة الدول العربية يشاهدون هذه الكارثة الإنسانية وكأنها شأن داخلي لا يخصهم. لم يعد الأمر مجرد ضعف دبلوماسي أو حسابات سياسية، بل تحول إلى خضوع مذل وعجز كامل عن اتخاذ أي موقف حقيقي لدعم الشعب الفلسطيني.

لقد بات واضحًا أن الأنظمة العربية، التي طالما ادعت دعم القضية الفلسطينية، ليست سوى كيانات جوفاء، تفتقر إلى الإرادة السياسية والمبدئية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي. فبدلاً من اتخاذ خطوات حقيقية – سواء بفرض عقوبات اقتصادية أو حتى مجرد قطع العلاقات الدبلوماسية – اكتفت هذه الأنظمة ببيانات الشجب والإدانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

أين الشعوب العربية؟

لكن الصمت لا يقتصر على الحكومات فقط، فحتى الشعوب العربية تبدو وكأنها فقدت صوتها، أو ربما أُرهِقت بعد سنوات من القمع والتهميش السياسي. كنا نتوقع أن تخرج الملايين إلى الشوارع في العواصم العربية، أن نرى تظاهرات تجوب البلدان، أن يُسمع صوت الغضب الشعبي كما كان يحدث في الماضي. لكن الواقع يقول إن الأنظمة القمعية نجحت إلى حد كبير في تدجين الشارع العربي، حتى أصبح عاجزًا عن التحرك، أو ربما يائسًا من إمكانية التغيير.

ازدواجية المعايير الغربية

أما عن الغرب، فهو كالعادة يرفع شعار حقوق الإنسان حين يكون ذلك مناسبًا لمصالحه، لكنه يصمت أو يتواطأ عندما تكون الضحية فلسطينية. نرى كيف تتسابق الدول الغربية إلى دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وتفرض العقوبات، وترسل الأسلحة، بينما تُذبح غزة أمام أعينهم، فلا نسمع سوى تصريحات خجولة تتحدث عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

هذا ليس مجرد نفاق، بل جريمة أخرى تُضاف إلى سجل الجرائم الدولية التي ترتكبها القوى الكبرى. إن ازدواجية المعايير هذه تثبت أن القانون الدولي ليس سوى أداة تُستخدم لتحقيق المصالح السياسية، وليس معيارًا أخلاقيًا يُطبق على الجميع.

هل مات الضمير الإنساني؟

ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد مأساة فلسطينية، بل هو اختبار لإنسانية العالم بأسره. كل صاروخ يسقط على حي سكني، كل طفل يُقتل تحت الأنقاض، كل عائلة تُشرّد، هو وصمة عار على جبين البشرية.

إذا كان العالم قد فقد ضميره، وإذا كانت الحكومات العربية قد فقدت شرفها، وإذا كانت الشعوب قد استُنزفت حتى لم تعد قادرة على الغضب، فإن ذلك لا يعني أن القضية انتهت. فالتاريخ يعلمنا أن الاحتلال لا يدوم، وأن الشعوب، مهما طال صمتها، ستنهض يومًا لتستعيد كرامتها وحقوقها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: كم من الأطفال يجب أن يُقتلوا؟ وكم من البيوت يجب أن تُهدم؟ وكم من الأرواح يجب أن تُزهق قبل أن يستيقظ العالم؟




شاهد ايضا


"حرب الجبال".. ماذا وراء الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في #اليمن؟ ...

الأحد/30/مارس/2025 - 08:03 م

اعتمدت الولايات المتحدة منذ إطلاقها العملية العسكرية الثانية ضد ميليشيا الحوثيين في اليمن، استراتيجية تكتيكية مُغايرة لتلك التي اعتمدتها في عملياتها ا


انفجارات عنيفة تهز #صنعاء ...

الأحد/30/مارس/2025 - 08:00 م

تجددت الغارات الأمريكية، مساء اليوم الأحد، الأول من أيام عيد الفطر المبارك، على مواقع مليشيا الحوثي في صنعاء. وذكرت مصادر محلية أن الطائرات الأمريكية


السعودية ترحب بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة ...

الأحد/30/مارس/2025 - 07:54 م

رحبت المملكة العربية السعودية، بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة، واعربت عن أملها في أن تحقق هذه الحكومة تطلعات الشعب السوري. وأكدت وزارة الخارجية