مقالات صحفية


شلل تعليمي في عاصمة الثقافة: بين تجاهل الحكومة وغفلة المجتمع

السبت - 04 يناير 2025 - الساعة 11:52 م

د. عبدالقادر لطف الخلي
الكاتب: د. عبدالقادر لطف الخلي - ارشيف الكاتب



في مدينة تعز، التي طالما عُرفت بأنها حاضنة للثقافة والعلم، يشهد قطاع التعليم شللًا تامًا نتيجة إضراب عام شمل المدارس والجامعات على حد سواء. يأتي هذا الإضراب في ظل أزمة معيشية خانقة تعصف باليمن، حيث يعيش أكثر من 24 مليون شخص تحت خط الفقر المدقع ويحتاجون إلى مساعدات غذائية طارئة. إلا أن المفارقة المؤلمة تكمن في صمت المؤسسات السياسية والدينية والمجتمعية تجاه هذه الكارثة.

إضراب بلا صدى: غياب التضامن المجتمعي

في الوقت الذي كان من المفترض أن تكون قضية الإضراب محور النقاش المجتمعي، نجد أن خطباء المساجد، الذين يمثلون أحد أبرز الأصوات في المجتمع اليمني، تجاهلوا تمامًا تناول هذا الحدث في خطب الجمعة. بدوا وكأنهم منفصلون عن الواقع، يركزون على قضايا ثانوية بينما تتوقف عجلة التعليم، أحد أهم الركائز الأساسية لأي مجتمع.

كذلك، تغيب منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت منبرًا رئيسيًا للتعبير عن هموم الناس، عن إثارة القضية بشكل كافٍ. هذا التجاهل يعكس تراجع الوعي المجتمعي بأهمية التعليم ودوره في النهوض بالبلاد من أزمتها.

حكومة في سبات عميق

من جانب آخر، تقف الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي موقف المتفرج، وكأن الأزمة لا تعنيهم. أسبوع كامل مر على إغلاق المدارس والجامعات دون أن يصدر تصريح واحد أو خطوة فعلية لحل الأزمة. في ظل هذا الغياب، يبدو أن الحكومة مشغولة بالمناكفات السياسية وصراعات المصالح، بينما تزداد الأوضاع المعيشية والتعليمية سوءًا.

إن غياب الرؤية والحلول من قبل القيادة السياسية يعكس فشلًا ذريعًا في إدارة الأزمات التي تعصف بالبلاد. فالتعليم، الذي يُعتبر عماد التنمية وأساس أي نهضة، يتم تجاهله بشكل مخزٍ، ما ينذر بمزيد من التدهور والانهيار على كافة المستويات.

التعليم كضحية للأزمات المتراكمة

الإضراب التعليمي في تعز ليس مجرد حدث عابر، بل هو عرض من أعراض أزمة أعمق تعصف باليمن. تتداخل فيه العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لتنتج واقعًا معقدًا يصعب الخروج منه دون تدخل جذري.

في بلد يُصنف كأحد أكثر الدول فقرًا في العالم، يُفترض أن تكون الأولوية لتوفير التعليم باعتباره السلاح الأهم لمواجهة الجهل والفقر. إلا أن غياب الاهتمام بهذه القضية من قبل المجتمع والحكومة على حد سواء يعكس تراجعًا خطيرًا في إدراك أهمية التعليم كمحرك أساسي للتغيير.

المسؤولية المشتركة: الحل يبدأ من الوعي

إن مواجهة هذه الأزمة تتطلب جهدًا جماعيًا يبدأ من الوعي بأهميتها. على خطباء المساجد ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أن يلعبوا دورًا فاعلًا في إثارة النقاش حول القضية وتسليط الضوء على خطورة استمرار هذا الشلل التعليمي.

في المقابل، يجب على الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي أن يتحملوا مسؤوليتهم الوطنية من خلال وضع خطة طارئة لحل الأزمة التعليمية، مع التركيز على تحسين ظروف المعلمين ودعم المؤسسات التعليمية.

خاتمة: أمل في التغيير

تعز، التي كانت يومًا ما منارة للعلم والثقافة، تعيش اليوم واقعًا مأساويًا يعكس أزمات اليمن بشكل عام. لكن الأمل يبقى معقودًا على وعي المجتمع وتحركه لإنقاذ التعليم، الذي يُعد الركيزة الأساسية لأي نهضة. فبدون تعليم، لن يكون هناك مستقبل مشرق لليمن، وسيظل في دائرة الأزمات التي لا تنتهي.

بقلم / د/عبد القادر لطف قاسم الخلي /قسم التاريخ والعلوم السياسية جامعة تعز




شاهد ايضا


البيت الأبيض يتخذ خطوات لإنهاء العلاقات مع الكيانات التي قدمت مدفوعات ...

الخميس/23/يناير/2025 - 02:18 ص

أعلن البيت الأبيض اليوم عن توجيه رسمي يهدف إلى إنهاء العلاقات مع الكيانات التي قامت بتقديم مدفوعات مالية للحوثيين في اليمن. ويأتي هذا القرار في إطار ا


#ليفربول يتأهل إلى ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا ...

الخميس/23/يناير/2025 - 12:19 ص

تأهل نادي ليفربول الإنجليزي، الى الدور ثمن النهائي ضمن منافسات بطولة دوري الأبطال الأوروبي لكرة القدم، بعد فوزه على ضيفه ليل الفرنسي بهدفين مقابل هدف


موقع أميركي: مطار غامض في اليمن يستقبل أول طائرة ...

الخميس/23/يناير/2025 - 12:10 ص

كشف موقع The Maritime Executive الأمريكي عن أن مطار جزيرة عبد الكوري الغامض في اليمن استقبل أول طائرة رغم أن المدرج لا يزال غير مكتمل بشكل غامض. وأوضح