مقالات صحفية
ديسمبر انتصار الشعب السوري على الطاغية بشار الأسد
الإثنين - 09 ديسمبر 2024 - الساعة 01:15 ص
في تاريخ 8 ديسمبر 2024 تجمعت حشود غفيرة من السوريين في شتى أنحاء البلاد للاحتفال بذكرى انتصارهم التاريخي ضد نظام الطاغية بشار الأسد. هذا اليوم الذي يُعتبر رمزًا للحرية والأمل يمثل تتويجًا لسنوات من النضال والمقاومة، وهو بمثابة دليل على قدرة الشعب السوري على تغيير مصيره رغم التحديات الجسيمة
بدأت الثورة السورية في عام 2011، عندما خرج المواطنون في مظاهرات سلمية تطالب بالحرية والكرامة مستلهمين من رياح التغيير التي شهدتها دول المنطقة. ولكن سرعان ما تحولت هذه المظاهرات إلى صراع مسلح عقب القمع العنيف من قبل النظام الذي استخدم كل وسائل القوة لإخماد صوت الشعب. وبالرغم من الفوضى والتدمير الذي شهدته البلاد إلا أن إرادة السوريين في نيل حقوقهم ظلت قوية
على مدى أكثر من عقد من الزمن عانى الشعب السوري من الحروب النزوح والمآسي الإنسانية وفقاً للتقارير فقد أكثر من 500,000 الف سوري حياتهم وفقد الملايين منازلهم ورغم ذلك لم يتوقف السوريون عن النضال. لقد قاموا بتشكيل تحالفات عسكرية وسياسية متنوعة وبدؤوا في العمل على إنشاء مؤسسات مدنية تهدف إلى إعادة بناء البلاد
عانى الشعب السوري على مر السنوات من مرارة الظلم والقهر حيث شهدوا تجارب مؤلمة في السجون والتعذيب. لقد كان النظام الحاكم في سوريا يستخدم السجون كوسيلة لقمع المعارضة وفرض السيطرة مما أدى إلى معاناة آلاف الأسر
ركز النظام السوري في سياسته على قمع أي صوت معارض مما أدى إلى اعتقال الآلاف من المواطنين بينهم أطفال ونساء وناشطون سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وشباب سُجنوا لمجرد التعبير عن آرائهم. لقد كانت تجربة السجون والعزل في أقبية الظلام رحلة مؤلمة إذ تعرض المعتقلون لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
سجون الطاغية بشار الأسد تُعتبر من بين الأكثر شهرة في العالم فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان من أبرز هذه السجون
1.سجن صيدنايا يعد من أكثر السجون شهرة حيث يُعرف بأنه المسلخ البشري نتيجة الانتهاكات الجسيمة التي تحدث داخله. يُذكر أن العديد من السجناء تعرضوا للتعذيب حتى الموت أو فارقوا الحياة نتيجة ظروف السجن القاسية
2.سجن التيرو:يقع بالقرب من مدينة حلب وارتبطت به العديد من الانتهاكات المتعلقة بالتعذيب وجرائم ضد الإنسانية يُعتبر هذا السجن من أبرز معاقل الاعتقال السياسي
3سجن عدرا:يُستخدم كمرفق للاحتجاز الجنائي والسياسي وقد تم تسجيل العديد من حالات التعذيب وسوء المعاملة داخله
4. فرع الأمن العسكري: يعتبر من أخطر الأفرع الأمنية في سوريا، حيث يتم احتجاز وتعرض المعتقلين للتعذيب النفسي والجسدي.
لقد شكلت هذه السجون والجرائم المرتبطة بها جزءًا من التراث المؤلم للشعب السوري
في 8 ديسمبر، شهدت سوريا انتصارات مهمة حيث تم تحرير جميع المعتقلين في سجون الأسد هذه اللحظة كانت بمثابة بارقة أمل للشعب السوري الذي عانى لسنوات من القمع إن تحرير المعتقلين يمثل بداية جديدة نحو العدالة والحرية ويعكس روح المقاومة والصمود التي يتمتع بها الشعب السوري
إن تاريخ سوريا مليء بالتضحيات، ولكن إرادة الشعب في تحقيق الحرية لا تزال قوية وستبقى هذه الانتصارات محفورة في ذاكرة الأجيال القادمة
في 8 ديسمبر 2024، تشهد شوارع المدن الكبرى مثل دمشق، حلب، وحمص، حشوداً ضخمة تحمل الأعلام السورية وتتغنى بالأناشيد الوطنية يتجلى في الوجوه الفرح والفخر، حيث ينظر السوريون إلى الماضي بعين الأمل نحو مستقبل أفضل. ويأتي هذا اليوم في وقت شهدت فيه البلاد تحولات جذرية، حيث بدأت أطراف التحالف الدولي والمحلي في تقوية الصفوف ضد النظام الذي اهتزت قاعدته بشكل كبير
لم يعد المجتمع الدولي يراقب الوضع في سوريا من بعيد بل بدأ يتفاعل بشكل أكثر جدية فقد قامت عدة دول بتقديم الدعم للمعارضة السورية وأثبتت أنها على استعداد للضغط على النظام لتحقيق الانتقال السياسي. وقد شهدت الأسابيع التي سبقت 8 ديسمبر تحركات دبلوماسية مكثفة حيث نظمت عدة مؤتمرات دولية لدعم عملية السلام في سوريا مما زاد من الآمال لدى السوريين بأن نظام الأسد لن يتمكن من الاستمرار في حكم البلاد
تعتبر احتفالات 8 ديسمبر ليست مجرد ذكرى لتغيير وضع سياسي بل هي دعوة للشعب السوري للتمسك بحقوقهم وبناء مستقبلهم. وقد أُعرب عن قلق بالغ لدى المشاركين حيال المآلات المستقبلية حيث دعت الأصوات إلى توحيد الصفوف وعدم الانزلاق إلى الفوضى التي قد تعيد البلاد إلى موقفها السابق
نحن هنا لنقول إن سوريا لنا وإن الآلام التي عشناها لن تذهب سدى كانت هذه كلمات من أحد قادة المعارضة خلال إحدى المظاهرات وقد لاقت صدى واسعاً بين الحضور هذه الأصوات تعكس التزام الشعب بتضامنهم وعدم انجرارهم إلى صراعات ثانوية قد تضر بقضيتهم الأساسية
يمثل 8 ديسمبر 2024 يوماً مميزاً في ذاكرة الشعب السوري فهو يجسد الانتصار على الخوف واليأس ويعيد الأمل إلى قلوب الملايين الذين عانوا طويلاً لقد أثبت الشعب السوري من خلال هذا الانتصار أن الإرادة الجماعية يمكن أن تهزم الطغيان مهما كان قوياً وبهذا، يبقى الشعب السوري في حالة تأهب مستعداً لمواجهة التحديات القادمة مع الأمل في غدٍ أفضل
بقلم / الإعلامي مؤمن الحاج