دراسة تكشف: المراقبة تعزز قدرة الدماغ على التعرف على الوجوه
الجمعة - 03 يناير 2025 - 10:55 م
أحدث العالم ــ متابعات
هل شعرتم بالتوتر أثناء الامتحان أو أثناء التحدث أمام جمهور كبير؟
غالباً ما يرتبط هذا الشعور بتنبّهك إلى أنك مراقب، سواء من قِبَل المعلمين أو الجمهور أو حتى الكاميرات. ويبدو أن المراقبة تؤثر على أدائنا وسلوكنا بطرق قد لا نعيها بصورة مباشرة، لكنها تغرس نفسها على مستوى ما تحت الوعي Subconscious.
أخيراً، كشفت دراسة نفسية نُشرت في الموقع العلمي "سايتيك دايلي" SciTechDaily عن تأثير المراقبة في تعزيز التنبّه اللاواعي لدى الأفراد، مما ينعكس على الطريقة التي يعالج بها الدماغ المعلومات الآتية إليه عبر أعصاب الحواسّ الخمس. وأظهرت نتائج الدراسة أن المشاركين تمكّنوا من التعرف على الوجوه بسرعة أكبر أثناء تعرّضهم للمراقبة، من دون أن يتكوَّن لديهم إدراك واعٍ لهذا التحسن. كذلك بيّنت الدراسة أن الاستجابة التلقائية الناجمة عن المراقبة قد تحمل آثاراً ملحوظة على الصحة النفسية العامة.
وفي سياق متصل، نشرت مجلة "نيوروساينس أو كونشسنس سايكولوجي" Neuroscience of Consciousness Psychology ورقة بحثية، بالتعاون مع "الجامعة التكنولوجية" في سيدني، شارك فيها 54 متطوعاً، لاستكشاف تأثير المراقبة على واحدة من الوظائف الأساسية للإدراك الحسيّ البشريّ، وهي القدرة على اكتشاف نظرات الآخرين.
التأثيرات النفسيّة للتعرّض للمراقبة
وقد أكّدت كيلي سيمور، المؤلّفة الرئيسيّة والأستاذة المشاركة في علم الأعصاب والسلوك، أنّ الدراسة الجديدة تقدّم أوّل دليل يظهر أنّ التعرّض للمراقبة يؤدّي إلى استجابة لا إراديّة، تتعلّق بمستوى ما تحت الوعي لدى الإنسان. وذكرت سيمور إنّه من المعروف أنّ كاميرات المراقبة ( CCTV) تغيّر سلوك الأفراد. واتّضح لاحقاً أنّها تؤثّر أيضاً على طريقة معالجة الدماغ للمعلومات.
وأضافت "وجدنا أدلّة مباشرة على أن المراقبة الواضحة عبر كاميرات المراقبة تؤثّر بشكلٍ كبير على وظيفة مبرمجة ولا إرادية تتعلق بالإدراك الحسي البشري، وهي القدرة على التعرف الواعي على الوجوه. ويرتفع مستوى تلك القدرة حينما نوضع تحت مراقبة الكاميرات. ويبدو أن تلك الخاصية قد تطوّرت بهدف مساعدتنا على اكتشاف التهديدات المحتملة كالحيوانات المفترسة أو البشر الآخرين حينما يقتربون منا".
ثمّ أردفت "أصبح المشاركون الموضوعون تحت المراقبة أكثر وعياً في ما يخصّ التعرف على الوجه. وزادت سرعتهم فيها بمقدار ثانية تقريباً بالمقارنة مع مجموعة لم تُخضع للمراقبة ذاتها. وقد حدث هذا التعزيز الإدراكيّ من دون أن ينتبه المشاركون له".
وذكرت سيمور أيضاً أنّه نظراً إلى المستوى المتزايد للمراقبة في المجتمع، والنقاشات المستمرة حول إصلاح الخصوصيّة، فإن نتائج الدراسة تشير إلى الحاجة إلى فحص دقيق لتأثيرات المراقبة على العمليات العقليّة، والصحة العامّة بشكلٍ أوسع.
الاستجابات اللّاواعية والصحّة النفسيّة
في تحليل القدرات العقلية النفسية عند الإنسان، يُنظر إلى القدرة على اكتشاف الوجوه بسرعة باعتبارها أمراً حيوياً في التفاعلات الاجتماعية البشرية، إذ تساعدنا المعلومات التي تُنقل عبر الوجوه، مثل اتّجاه النظر، في بناء تصوّر عن عقول الآخرين، نستخدمه في توقّعاتنا لسلوكهم.
كذلك لفتت سيمور إلى أن الأطباء النفسيين يدركون وجود "زيادة في الحساسية لمسألة الوقوع تحت النظر، أو التحديق المتبادل، في عدد من الاضطرابات النفسية كالذهان والقلق الاجتماعي، حيث يعاني الأفراد من أفكار أو انشغالات غير عقلانية تحت تأثير فكرة وقوعه تحت مراقبة الآخر".
وخلصت إلى إنه على الرغم من تركيز "هذه الدراسة على العمليات الاجتماعية غير الواعية، فإن الأبحاث المستقبلية يجب أن تتوسع في استكشاف تأثيرات هذه الظاهرة على المراكز الدماغية التي تتعامل مع العواطف والمُدْركات اللاوعية. وسيكون لتلك الأبحاث تبعات واسعة على الصحة النفسية العامة، وكذلك الحال بالنسبة إلى النقاشات عن مسألة الخصوصية"