تحليلات



تحليل: الرد الإيراني المُتعثر واستشهاد القائد #إسماعيل_هنية

الخميس - 01 أغسطس 2024 - 08:26 م

تحليل: الرد الإيراني المُتعثر واستشهاد القائد #إسماعيل_هنية

العميد برس_ مهيب نصر
تعربد إسرائيل لسنواتٍ عدة على الجسد الإيراني المُتحامل، وتقتات منه ما يقيم أوَد سياساتها في المنطقة. لا تكتفي بقتل خبراءها العسكريين في سوريا أو لبنان، بل في إيران، حتى تفجعها في مقر استقبال ضيوفها وفي يوم تنصيب رئيسها. هذه الضربة المدوِّية كشفت عن إهانةٍ أمنيةٍ بالغة، وعن ترهلٍ في النظام السياسي القائم. من هنا تُثار غابةٌ من الأسئلة التي لا تجد جوابًا راجحًا، وذلك لشحِّ المعلومات التي تحيط بالأحداث، وفي قلب تلك الأحداث تفجير مقر الشهيد القائد إسماعيل هنية. ما يعني أن القادرين على القيام بهذه الأحداث الصعبة والمعقدة، لهمُ أقدر على تجفيف المعلومات والملابسات التي تحيط بها. وعليه فإن تحليل التعثر الإيراني المستمر في صدِّ الكيان الإسرائيلي، هو ما سيفتح لنا الأبواب لفهم ما حدث ويحدث في إيران.

●مشاكل إيران الثلاث:
مشكلة إيران مشكلة حال أكثر منها مشكلة قرار أولًا، ومشكلة مشروع في المنطقة ثانيًا، ومشكلة إدارة وسيادة من أدنى إلى أعلى وليس العكس ثالثًا.
أولًا: اعتادت إيران ولسنواتٍ عدة التخندق خلف ما تسميه بالصبر الاستراتيجي، رغم المجازر التي أُرتكبت وتُرتكب في حق قادتها العسكريين، والانتهاكات المتكررة لسيادة الدولة الإيرانية، وبدل أن يتحول قرار انتظارها من أجل الرد في المكان والزمان المناسبيين إلى قرارٍ مدروسٍ بعناية، تحول إلى سِمةٍ من سمات إيران وأجهزتها السيادية، كما أصبحت متلازمة إيرانية يُصعب عليها تجاوزها بسهولة.

ثانيًا: من المعلوم من السياسة بالضرورة مشروع إيران في المنطقة العربية، والمُتمثل في تفجير المجتمعات من داخلها عن طريق استنبات الأقليات الدينية الموالية، مع حرصها العميق للحفاظ على هذا المشروع عن طريق الحفاظ على نظامها في إيران، ولن تحافظ على نظامها ومشروعها إلا بتجنب المواجهة المفتوحة مع إسرائيل ومن ورائها أميركا.

ثالثًا: عملية صناعة أو استقطاب الجواسيس أو العملاء عمليةٌ تتعلق بشخصياتٍ تُعاني من عقدٍ نفسية، اجتماعية كانت أم سياسية، وغالبًا ما تكون من الطبقة الدنيا، بيد أن عملاء إسرائيل في إيران ليس من هذا النوع، بل إن عملائها هي الدولة الإيرانية في ذاتها، ليس في سقوفها، وإنما في مداميكها، ومن تلك المداميك شخصيات نافذة في الحرس الثوري، وهؤلاء يهمهم تنفيذ المشروع الإيراني في المنطقة، معتبرين أن القتلى ضحية الاغتيالات الإسرائيلية لعبةٌ صغيرةٌ تخدم اللعبة الكبرى، ووقودٌ يُغذي تسارع مشروعهم واتساعه، ما يترتب على ذلك تغييب الدولة في سقوفها عما يحدث تحت أقدامها، ولكن هذا لا ينفي معرفة الدولة في سقفها؛ بل عملها للمشروع الآنف الذكر، ولكن في حدودٍ تتقاطع مع كيان الدولة الإيرانية وتكريس سيادتها وليس على حساب زعزعة سيادة الدولة أو اختراقها. من هنا ندرك أن اغتيال القائد إسماعيل هنية هو اغتيالٌ إيرانيٌ إسرائيلي أميركي، لأسبابٍ تخص الشخصيات النافذة في الحرس الثوري، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الشخصيات لم تعد تعمل لصالح المشروع فحسب، بل لصالح إسرائيل أيضًا، لأنها تتعامل معها كأفرادٍ في جلباب دولة، أكثر ما تتعامل معها كدولةٍ في صورة أفراد. اغتيال الشهيد هنية يُفسر اغتيال رئيسي ووزير خارجيته، وذلك بسبب سطوتهما وشخصياتهما القوية التي بدأت تمس ذلك المدماك وتفك شفراته، فكان اغتيالهما أميركيا إسرائيليا عن طريق التنسيق مع أولئك النافذين في الحرس الثوري.

●كيف تخرج إيران من مشاكلها الثلاث؟

أولًا: أتى طوفان الأقصى ليفككك ضفائر إسرائيل الحديدية، ويكسر نظرية الردع لديها، وقد استغلت إيران هذه الفرصة للتخلص من حالة الجمود التي أُصيبت بها على مدى سنوات، خاصةً أن طوفان الأقصى أتى في عهد الرئيس الإيراني السابق "رئيسي"، وهو من المحافظين الأكثر قربا لعلي خامنئي، وقد كان يُعد ليحل محل الولي الفقيه- أي مكان خامنئي- كما أن وزير الخارجية الإيراني امتاز بشخصية دبلوماسية ذكية للغاية، كما كان يُعد لتولي رئاسة الجمهورية الإيرانية بعد إنتهاء مدة رئاسة الرئيس رئيسي. هاتان الشخصيتان ومن ورائهما خامنئي استعادوا قوة الردع وقاموا بضرب إسرائيل بعشرات المسيرات والصواريخ، وهذه الضربة الإيرانية تعد الأولى من نوعها في قلب كيان الاحتلال بغض النظر عن نتائجها، ومن المفترض أن يُتابع الرئيس الجديد ما كان عليه الرئيس "رئيسي" في هذا الصدد، لأنها فرصة مهمة وقد لا تتكرر مرة أخرى.

ثانيًا: المشروع الإيراني في المنطقة العربية هو مشروعٌ إسرائيليٌ أميركي أكثر منه إيراني، لأن مصلحة إسرائيل استنبات الأقليات، وصبغتها بالصبغة الدينية، وذلك لأسبابٍ ثلاثة:
الأول: إسرائيل هي أقليةٌ في المنطقة العربية ويهمها وجود الأقليات.
الثاني: إسرائيل مصبوغة بالصبغة الدينية اليهودية، ومن المهم أن تصبغ الأقليات بالصبغة الدينية-الشيعية.
الثالث: تخريب الجسد العربي وإضعافه حتى يَسهُل السيطرة عليه عسكريًا وإعلاميًا.
الرابع: في المُدرك الإسرائيلي الأميركي أن المنطقة منطقة أقليات وليست منطقة دول، ويجب التعامل معها من هذا المنظور.
يتحصل لدينا أن هذا المشروع التوسعي الإيراني لا يخدمها وحدها، بل يخدم إسرائيل في المقام الأول، وفي تنازلها عن هذا المشروع ولو لوقت؛ يضر إسرائيل أكثر ما يضر إيران، لأن ما يضر إيران الآن هو مشروعها، وذلك في عيون ملايين الشعوب العربية المتضررة من هذا المشروع، كما يضرها في أمنها وسيادة دولتها، وذلك بسبب عربدة إسرائيل.
ثالثًا: الرئيس الإيراني الجديد- مسعود بزشكيان- يبدو أقل كفاءة ممن سبقه-رئيسي-وهو مفضلٌ بالنسبة لإسرائيل ولمن يخدمها في الدولة الإيرانية، ومن الصعوبة التخلص من دولة الحرس الثوري -النافذين- عن طريق هذا الرئيس، بيد أن اللعبة باتت واضحة لأي متابعٍ وما يحدث في إيران، ولعل في قادم الأيام والشهور من يزيح هذه الحفنة عن مواقعها، ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، على أن هذا مستبعدٌ قليلًا، لأن فهم اللعبة دون قوةٍ لإيقافها لا يكفي، ولعل من يفهمون ذلك في إيران لا قوة لهم لإيقافها. وهذا يُدلل للمرة الثانية على أن اغتيال رئيسي ووزير خارجيته لم يكن لشخصيهما فقط، دون خطة لما بعدهما، ومن ضمن تلك الخطة المعرفة السابقة بتوجهات الشعب الإيراني، وقياس سبر الآراء داخل ذلك الشعب.
يتضح أن هذه الإشكاليات أوهنت إيران من داخلها، فبقدر استقطاعها لأراضٍ سياسيةٍ خارج ترابها، بقدر تآكلها من داخلها، واستقطاع سيادتها وأمنها. وحريٌ بإيران النظر في مخاطرها الداخلية، وترميم أعماقها المتشظية، وكبح جماح توسعاتها لصالح سواها وأطماعها في آن، وإعادة النظر مرة ثانية وثالثة إلى أمراضها السياسية، ومتاعبها الأمنية الخطيرة.





شاهد ايضا


مسؤول مصري يرد على #نتنياهو بشأن إدارة #معبر_رفح ...

الأربعاء/22/يناير/2025 - 10:46 م

أكد مسؤول مصري، يوم الأربعاء، أن محادثات القاهرة انتهت بتولي السلطة الفلسطينية إدارة الجانب الفلسطيني من معبر رفح، ليرد بذلك على نفي أصدره مكتب رئيس ا


عدن: وزير الدفاع يدشن الدورة السابعة في كلية الدفاع الوطني ...

الأربعاء/22/يناير/2025 - 10:06 م

دشن وزير الدفاع الفريق الركن محسن محمد الداعري اليوم الأربعاء الدورة السابعة في كلية الدفاع الوطني في الأكاديمية العسكرية العليا في العاصمة عدن بعد ١٠


بن عزيز يطلع على سير العملية التعليمية والتدريبية بكلية الطيران والدفا ...

الأربعاء/22/يناير/2025 - 09:16 م

اطّلع رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن دكتور صغير حمود بن عزيز، على سير العملية التعليمية والتدريبية في كلية الطيران وال