تكنولوجيا



الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعيّ يولّد جيشاً من الكسالى

الجمعة - 29 مارس 2024 - 06:34 ص

الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعيّ يولّد جيشاً من الكسالى
صورة تعبيرية عن الذكاء الاصطناعي (بيكسابي)

العميد برس ــ النهار العربي

بسبب النتائج التي قد تتأتى عن الذكاء الاصطناعيّ، تنتشر مخاوف عدّة. من بينها القلق من توليده جيشاً من العاطلين عن العمل، أو جيشاً من الكسالى. على الصعيد الأوّل، لا تزال الاستنتاجات متضاربة بل ثمّة تطمينات واسعة بهذا الخصوص. بالنسبة إلى الخطر الثاني، والذي يمكن قياسه من اليوم، يبدو الخطر ملحّاً. صحيحٌ أنّ الكسل الناجم عن الاتّكال على الذكاء الاصطناعيّ في حلّ معظم المشاكل ليس بحاجة إلى جهد كبير لتبيانه، لكنّ الأبحاث الإضافيّة تقدّم أدلّة ملموسة.



يعرض الأستاذ المشارك في كلّيّة وارتون للأعمال في جامعة بنسلفانيا إيثان موليك تجربته مع مجموعة من المستشارين ويسردها في موقع "بيغ ثينك".



مئات المستشارين

عمل موليك مع فريق كبير من الباحثين بمن فيهم علماء الاجتماع في جامعة هارفارد، فابريزيو ديل أكوا وإدوارد ماكفولاند الثالث وكريم لاخاني، إلى جانب هيلا ليفشيتز-عسّاف من كلية وارويك للأعمال وكاثرين كيلوغ من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا". لقد حصلوا على المساعدة من "مجموعة بوسطن الاستشاريّة" (BCG) وهي إحدى أفضل منظّمات الاستشارات الإداريّة على مستوى العالم، ونحو 800 استشاري شاركوا في التجارب.





تمّ تقسيم الاستشاريّين بشكل عشوائيّ إلى مجموعتين: كان على واحدة أن تؤدّي العمل بالطريقة المعياريّة، بينما كان على الأخرى استخدام "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي يمكن لسكان 169 دولة الوصول إليه. بعد ذلك، تمّ تقديم بعض التدريب على الذكاء الاصطناعيّ وأوكلت إليها، مع وقت محدّد، 18 مهمّة صمّمتها "مجموعة بوسطن الاستشاريّة" لتبدو وكأنها الوظيفة المعياريّة للاستشاريّين. كانت هناك مهامّ إبداعيّة (مثلاً "اِقترِحوا ما لا يقلّ عن 10 أفكار لحذاء جديد يستهدف سوقاً أو رياضة تعانيان من نقص الخدمات")، إلى جانب مهامّ تحليلية وكتابيّة وتسويقيّة وإقناعيّة. حتى أنّ المشرفين قاموا بمراجعة مديرين تنفيذيين لشركة أحذية من أجل التأكّد من أنّ العمل كان واقعيّاً.



كيف جاءت النتائج؟

لاحظ المشرفون على التجربة مستويين من النتائج. الأوّل، ظاهريّ، وربّما متوقّع. لقد كان أداء المجموعة التي تعمل مع الذكاء الاصطناعيّ أفضل بكثير من المستشارين الذين لم يستخدموه. لقد قام المشرفون على الدراسة بقياس النتائج بكلّ طريقة ممكنة فاستمرّ التأثير نفسه من خلال 118 تحليلاً مختلفاً. كان المستشارون المدعومون بالذكاء الاصطناعيّ أسرع، واعتُبر عملهم أكثر إبداعاً وأفضل كتابة وأكثر تحليلاً من عمل أقرانهم. لكنّ نظرة أكثر دقّة إلى البيانات كشفت عن شيء أكثر إثارة للإعجاب وأكثر إثارة للقلق نوعاً ما، كما كتب موليك.


على الرغم من أنّه كان متوقّعاً أن يستخدم المستشارون الذكاء الاصطناعيّ لمساعدتهم في مهامّهم، بدا أنّ الذكاء الاصطناعيّ قام بمعظم العمل. كان معظم المشاركين في التجربة يلصقون ببساطة الأسئلة التي طُرحت عليهم، ويحصلون على إجابات جيّدة جداً. وحدث الأمر نفسه في تجربة الكتابة التي أجراها الاقتصاديّان شاكيد نوي وويتني تشانغ من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا"، حيث لم يكلّف معظم المشاركين أنفسهم عناء تحرير مخرجات الذكاء الاصطناعيّ بمجرد إنشائها لهم.


أضاف موليك أنّ هذه مشكلة يراها باستمرار عندما يستخدم الأشخاص الذكاء الاصطناعيّ لأوّل مرّة. يقومون فقط بلصق السؤال المحدّد الذي يُطرح عليهم ويسمحون للذكاء الاصطناعيّ بالإجابة عليه. هنا يتمثّل الخطر في الثقة بعمل الذكاء الاصطناعيّ أكثر من اللازم.



مهمّة إضافيّة مخادعة

صمّمت "مجموعة بوسطن الاستشاريّة" مهمّة إضافيّة، تمّ اختيارها بعناية لضمان عدم تمكّن الذكاء الاصطناعيّ من التوصّل إلى إجابة صحيحة، وهي مهمّة ستكون خارج "الحدود الخشنة" Jagged Frontier (أي حيث يخطئ الذكاء الاصطناعيّ ويصبح أقلّ فائدة للإنسان). لم يكن ذلك سهلاً، لأنّ الذكاء الاصطناعيّ ممتاز في نطاق واسع من العمل، لكن تمّ تحديد مهمّة تجمع بين مشكلة إحصائيّة صعبة وأخرى تحتوي على بيانات مضلّلة.


لقد نجح المستشارون البشريّون في حلّ المشكلة بشكل صحيح بنسبة 84 في المئة من الحالات بدون مساعدة الذكاء الاصطناعيّ، لكن عندما استخدموه، كان أداؤهم أسوأ إذ تمكّنوا من حل المشكلة بشكل صحيح بنسبة 60 إلى 70% فقط من الوقت. فماذا حدث؟



كسل وإهمال وانقياد أعمى

في ورقة بحثيّة مختلفة، تابع موليك، وجد فابريزيو ديل أكوا أنّ الموظِّفين الذين استخدموا الذكاء الاصطناعيّ العالي الجودة أصبحوا كسالى ومهمِلين وأقلّ مهارة في حكمهم على أنفسهم. لقد فاتهم بعض المتقدّمين المتميّزين واتّخذوا قرارات أسوأ من القائمين على التوظيف الذين استخدموا ذكاءً اصطناعيّاً منخفض الجودة أو لم يستخدموا ذكاءً اصطناعيّاً على الإطلاق.





قام ديل أكوا بتعيين 181 من مسؤولي التوظيف المحترفين وكلّفهم بمهمّة صعبة: تقييم 44 طلب عمل بناءً على قدرتهم في الرياضيّات. جاءت البيانات من اختبار دوليّ لمهارات البالغين، وبالتالي لم تكن درجات الرياضيّات واضحة من السِّيَر الذاتية. حصد القائمون على التوظيف مستويات مختلفة من مساعدة الذكاء الاصطناعيّ: بعضهم تمتّع بدعم جيّد أو سيّئ من الذكاء الاصطناعيّ، والبعض الآخر لم يتلقَّ أيّ دعم. لقد قام بقياس مدى الدقّة والسرعة والجهد والثقة.


كان القائمون على التوظيف الذين يتمتّعون بذكاء اصطناعيّ عالي الجودة أسوأ من القائمين على التوظيف المتمتّعين بذكاء اصطناعيّ منخفض الجودة. لقد أمضوا وقتاً وجهداً أقل في كلّ سيرة ذاتيّة، واتّبعوا توصيات الذكاء الاصطناعيّ بشكل أعمى. كما أنّهم لم يتحسّنوا مع مرور الوقت. من ناحية أخرى، كان القائمون على التوظيف المتمتّعون بدعم ذكاء اصطناعيّ منخفض الجودة أكثر يقظة وانتقاداً واستقلاليّة.



"النّوم على المقود"

لقد قام مستخدمو الذكاء الاصطناعيّ المتدنّي النوعيّة بتحسين تفاعلهم مع الذكاء الاصطناعيّ ومهاراتهم الخاصة. طوّر ديل أكوا نموذجاً رياضياً لشرح المفاضلة بين جودة الذكاء الاصطناعيّ والجهد البشريّ. عندما يكون الذكاء الاصطناعيّ جيداً جداً، لن يكون لدى البشر سببٌ للعمل الجادّ والاهتمام. إنّهم يسمحون للذكاء الاصطناعيّ بتولّي زمام الأمور بدلاً من استخدامه كأداة، الأمر الذي يمكن أن يضر بالتعلّم البشريّ وتنمية المهارات والإنتاجيّة. وقد أطلق على هذا اسم "النوم على المقود".


وتشير دراسة ديل أكوا إلى ما حدث في الدراسة مع مستشاري "مجموعة بوسطن الاستشارية". لقد رجّح الذكاء الاصطناعي القوي نوم المستشارين أثناء القيادة وحدوث خطأ كبير. لقد أساؤوا فهم شكل "الحدود الخشنة".






شاهد ايضا


واس: اللقاء التشاوري في الرياض ناقش الجهود المشتركة الداعمة للقضية الف ...

السبت/22/فبراير/2025 - 11:43 ص

بدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، عُقِد لقاء أخوي تشاوري في مدينة الرياض بمشاركة قادة دول الخليج والأردن ومصر، إذ جر


حماس تسلم الدفعة الأولى للصليب الأحمر في رفح ...

السبت/22/فبراير/2025 - 11:15 ص

أفرجت حركة حماس عن 6 رهائن إسرائيليين من غزة، السبت، مقابل إطلاق سراح مئات السجناء والمعتقلين الفلسطينيين، في إطار عملية التبادل السابعة. وتجمع مسلحون


الجيش السوداني يحرز تقدما في مدينة الفاشر ...

السبت/22/فبراير/2025 - 11:04 ص

أفاد مراسل قناة العربية نزار البقداوي أن الجيش السوداني أحرز تقدما في مدينة الفاشر شمال دارفور التي لا تزال محاصرة من قبل الدعم السريع منذ مايو الماضي