مقالات صحفية
هجرة العقول اليمنية: تحديات وآفاق
الأحد - 04 أغسطس 2024 - الساعة 05:01 م
بقلم / عبدالله محمد مناوس – صحفي وباحث أكاديمي
تُعاني اليمن من ظاهرة خطيرة ومقلقة ومؤرقة تعرف بظاهرة هجرة العقول، حيث يغادر العديد من الكوادر المؤهلة البلاد بحثًا عن فرص عمل أفضل وأجور أعلى في الخارج.
تُعدّ هذه الظاهرة تحديًا كبيرًا لليمن، حيث تُفقد البلاد خبراتها ومهاراتها، مما يؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. يهدف هذا المقال إلى تحليل أسباب هجرة العقول اليمنية، ودراسة تأثيرها على مختلف القطاعات، واقتراح بعض الحلول المُمكنة لوقف هذه الظاهرة.
المقدمة:
تُعرف هجرة العقول بأنها انتقال الأفراد المُؤهلين والمتعلمين من دولة إلى أخرى بحثًا عن فرص عمل أفضل وأجور أعلى. تُعتبر هذه الظاهرة تحديًا عالميًا، لكنها تُشكل تحديًا مُلحًا لليمن، حيث تُفقد البلاد العديد من الكوادر المُؤهلة في مختلف المجالات، مثل الطب والهندسة والتعليم. تُؤثر هجرة العقول سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لليمن، حيث تُفقد البلاد خبراتها ومهاراتها، مما يُؤدي إلى نقص في القوى العاملة المُؤهلة، وتراجع مستوى الخدمات، وزيادة الفقر والبطالة.
◦ أحصائيات ودراسات عن عدد المهاجرين واللاجئين :
يمكن أن يكون لهجرة العقول تأثيراً سلبياً كبيراً على البلدان المصدرة، حيث قد تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والابتكار، وزيادة البطالة، وانخفاض القدرة التنافسية.
وتشير العديد من الدراسات إلى ظاهرة هجرة العقول العربية، لكن معظمها يعتمد على بيانات من دراسات سابقة. من بين الدراسات المهمة في هذا المجال، دراسة الجامعة العربية (2)، التي تشير إلى أن فرنسا تستقبل 40% من العقول المهاجرة، والولايات المتحدة 23%، وكندا 10%، ويقدر أن هجرة العقول تكلف الدول العربية ما لا
يقل عن 200 مليار دولار سنوياً.
كما تشير تقارير من مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية (3) إلى أن استطلاعاً حديثاً أجراه المركز شمل 1000 باحث في العالم العربي، وجد أن 91% منهم يرغبون في الهجرة. ومن بين هؤلاء، ذكر 68% أنهم يرغبون في الذهاب إلى أوروبا، و55% إلى أمريكا الشمالية.
* وفقًا لتقارير منظمة الهجرة الدولية (IOM)، تشير الإحصائيات إلى ارتفاع عدد المهاجرين واللاجئين اليمنيين إلى الدول الأوروبية والأمريكية خلال السنوات الأخيرة. تم تسجيل وصول حوالي 25,000 مهاجر إلى اليمن في الأشهر الأولى من عام 2022،
* وفقًا لبيانات UNHCR، فقد هاجر حوالي 7,658 شخصًا من اليمن وتقدموا بطلب لجوء في بلدان أخرى خلال عام 2023. يشير التقرير أيضًا إلى أن أكثر الوجهات شيوعًا للمهاجرين اليمنيين كانت هولندا وألمانيا واليونان. يُعتبر هذا العدد نسبيًا صغيرًا مقارنةً بإجمالي عدد السكان في اليمن ولكنه يعكس الوضع الصعب الذي يواجهه اليمن حاليًا.
◦ يمنيون إلى المجهول
تُشكل قضية المهاجرين المفقودين اليمنيين تحديًا إنسانيًا مُلحًا، حيث تُعاني عائلات المفقودين من غياب الإهتمام من قبل الجهات المعنية.
هناك يمانيون كثر يموتون في الغابات وفي الانهار والبحار وغرقى ولايوجد أحصائيات دقيقة ، الا مايصل للقنصليات
في الفترات الأخيرة من إحصائيات مرعبة عن مفقودين وضحايا غرقوا وفقدوا اثناء عبورهم الى دول أوروربية أو أمريكية ،البعض منها تم ابلاغ القنصليات اليمنية والبعض مجهول ومفقود وذلك لضعف عمل وأداء تلك القنصليات وقلة أهتمامها في متابعة قضايا اللاجئين اليمنيين المهاجرين.
* وفقًا لمشروع المهاجرين المفقودين، تم تسجيل عدد مقدر للمفقودين والغرقى من المهاجرين اليمنيين الذين كانوا يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر.
* ووفقًا للبيانات المتوفرة، بلغ عدد الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم أثناء عملية الهجرة إلى أوروبا حوالي 1,175 شخصًا خلال السنوات الأخيرة.
معاناة ضحايا المهاجرين المفقودين:
تُصبح رحلة الهجرة بالنسبة للعديد من اليمنيين رحلة مُليئة بالمخاطر، حيث يُواجهون العديد من التحديات، منها:
* الخطر المُباشر: تُشكل رحلة العبور البحري خطرًا مُباشرًا على حياة المهاجرين، حيث يُواجهون ظروفًا قاسية، مثل العواصف والأمواج العاتية، ونقص الطعام والشراب، والاكتظاظ في القوارب.
* الاستغلال: يُواجه العديد من المهاجرين الاستغلال من قبل المُهرّبين، حيث يُجبرون على دفع مبالغ باهظة مقابل الرحلة، ويُتعرضون للضرب والتهديد.
* الاختفاء: يُفقد العديد من المهاجرين في البحر، دون أن يُعرف مصيرهم، مما يُثير قلق عائلاتهم، ويُزيد من معاناتهم.
◦ الأزمة اليمنية والهجرة :
تُشهد اليمن ظاهرة هجرة مُستمرة، حيث يُغادر العديد من اليمنيين البلاد بحثًا عن حياة أفضل، لكنّ هذه الرحلة تُصبح مُحاطة بالمخاطر، حيث يُفقد العديد من المهاجرين في البحر، دون أن يُلقى مصيرهم اهتمامًا كافيًا من قبل الجهات المعنية.
خلال الفترة من 2015 الى 2024 منذ بداية الحرب الى يومنا هذا ونحن نرى الالاف من المهاجرين واللاجئين وهم يغامرون في ظروف خطيرة للغاية متجاوزين الكثير من الانظمة والقوانيين ، بعد أن أجبرتهم الاوضاع والحروب لترك أوطانهم باحثين بعد أي أمل يعيد لهم حياه كريمة،فتجد الطالب يبتعث الى الخارج ليدرس سنوات ثم يعود لوطنه ولايجد فرصة عمل أو وظيفة تحقق له طموحه فيجر أذيال الخيبه ،ويبدأ في البحث عن أي فرصة في أي بلد فتجده يغامر ويقطع الحدود والبحار .
ورغم أن هذا الموضوع بالغ الأهمية إلا أن الحكومة تتعامل معه بقل اهتمام وعدم ادارك أهمية ذهاب ورحيل تلك العقول في ظل مستقبل غامض ومجهول تتجه نحوه البلاد وقلة الاهتمام بالانسان ، وسط تضارب مصالح الاطراف المتحاربة وعدم التوصل الى سلام شامل ينظر لهؤلاء وكل يوم وأعدادهم تزداد بشكل ملحوظ ، وسط صمت حكومي مخيف .
◦ أسباب هجرة العقول اليمنية:
تُعزى هجرة العقول اليمنية إلى مجموعة من العوامل، منها:
* الوضع الاقتصادي المتردي: تُعاني اليمن من أزمة اقتصادية مُستمرة، حيث تُسجل معدلات البطالة والفقر ارتفاعًا ملحوظًا. يُؤدي هذا الوضع إلى قلة فرص العمل المُغرية، مما يدفع العديد من المُؤهلين إلى البحث عن فرص عمل أفضل في الخارج.
* الفساد: يُشكل الفساد عائقًا كبيرًا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، حيث يُؤثر سلبًا على كفاءة المؤسسات الحكومية، ويُقلل من فرص العمل المُتاحة للمُؤهلين.
* الحرب: تُعاني اليمن من حرب مُستمرة منذ سنوات، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية، وتدهور الخدمات، ونقص الأمن والاستقرار. يُؤدي هذا الوضع إلى إحباط العديد من المُؤهلين، مما يدفعهم إلى البحث عن ملاذ آمن في الخارج.
* نقص فرص العمل: تُعاني اليمن من نقص في فرص العمل المُغرية، خاصة في المجالات التي تتطلب مهارات عالية، مثل الطب والهندسة. يُؤدي هذا النقص إلى إحباط العديد من المُؤهلين، مما يدفعهم إلى البحث عن فرص عمل أفضل في الخارج.
* الظروف المعيشية الصعبة: تُعاني اليمن من ظروف معيشية صعبة، حيث تُسجل معدلات الفقر والبطالة ارتفاعًا ملحوظًا.
يُؤدي هذا الوضع إلى إحباط العديد من المُؤهلين، مما يدفعهم إلى البحث عن حياة أفضل في الخارج.
◦ تأثير هجرة العقول على اليمن:
تُؤثر هجرة العقول سلبًا على اليمن، حيث تُفقد البلاد خبراتها ومهاراتها، مما يُؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
* النقص في القوى العاملة المُؤهلة: تُؤدي هجرة العقول إلى نقص في القوى العاملة المُؤهلة في مختلف القطاعات، مما يُؤثر سلبًا على كفاءة المؤسسات الحكومية والخاصة.
* تراجع مستوى الخدمات: تُؤدي هجرة العقول إلى تراجع مستوى الخدمات في مختلف القطاعات، مثل التعليم والصحة، حيث يُؤدي نقص الكوادر المُؤهلة إلى تدهور جودة الخدمات.
* زيادة الفقر والبطالة: تُؤدي هجرة العقول إلى زيادة الفقر والبطالة، حيث يُؤدي نقص فرص العمل إلى تزايد عدد العاطلين عن العمل، مما يُؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية.
◦ حلول مُمكنة لوقف هجرة العقول:
تُوجد العديد من الحلول المُمكنة لوقف هجرة العقول اليمنية، منها:
* تحسين الوضع الاقتصادي: يجب على الحكومة اليمنية العمل على تحسين الوضع الاقتصادي، من خلال تنفيذ سياسات اقتصادية سليمة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وخلق فرص عمل جديدة.
* مكافحة الفساد: يجب على الحكومة اليمنية العمل على مكافحة الفساد، من خلال إصلاح المؤسسات الحكومية، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
* إنهاء الحرب: يجب على الأطراف المُتقاتلة في اليمن العمل على إنهاء الحرب، من خلال التوصل إلى حل سياسي مُستدام.
* توفير فرص عمل مُغرية: يجب على الحكومة اليمنية العمل على توفير فرص عمل مُغرية للمُؤهلين، من خلال إنشاء مشاريع جديدة، وتوفير الدعم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
* تحسين ظروف المعيشة: يجب على الحكومة اليمنية العمل على تحسين ظروف المعيشة، من خلال توفير الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة، وتحسين البنية التحتية.
* تشجيع العودة: يجب على الحكومة اليمنية العمل على تشجيع العقول اليمنية المُهاجرة على العودة إلى اليمن، من خلال توفير حوافز مالية، وتسهيل إجراءات العودة، وتوفير فرص عمل مُغرية.
◦ الخلاصة:
تُشكل هجرة العقول تحديًا كبيرًا لليمن، حيث تُفقد البلاد خبراتها ومهاراتها، مما يؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية. تُوجد العديد من الحلول المُمكنة لوقف هذه الظاهرة، لكنها تتطلب جهودًا مشتركة من قبل الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي.