أوكرانيا تقبل اقتراح هدنة الـ30 يوماً وتطالب واشنطن بإقناع روسيا
الأربعاء - 12 مارس 2025 - 12:21 ص
جانب من المحادثات بين الوفدين الأميركي والأوكراني برعاية سعودية في جدة أمس (رويترز)
أحدث العالم ــ الشرق الأوسط
قالت أوكرانيا إن محادثاتها مع الولايات المتحدة التي استضافتها مدينة جدة السعودية، الثلاثاء، قطعتْ خطوات مهمة نحو استعادة السلام الدائم، وأبدت استعدادها لقبول اقتراح أميركي بوقف مؤقت وفوري لإطلاق النار لمدة 30 يوماً. وأضافت الرئاسة الأوكرانية، في بيان، أن وقف إطلاق النار المقترح «يمكن تمديده بموافقة متبادلة من الطرفين، ويخضع للقبول والتنفيذ المتزامن من قبل روسيا»، وأن الولايات المتحدة ستبلغ موسكو بأن «المعاملة بالمثل من جانب روسيا هي مفتاح تحقيق السلام».
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن على واشنطن أن «تقنع» موسكو بقبول المقترح الذي طُرح خلال المحادثات الأوكرانية الأميركية في جدة بالسعودية. وقال زيلينسكي في كلمته اليومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «يتعين على الولايات المتحدة إقناع روسيا بالقيام بذلك»، مضيفاً أن أوكرانيا تنظر إلى اقتراح الهدنة «بشكل إيجابي».
فيما أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن على روسيا أن تقرر ما إذا كانت ستقبل وقف إطلاق النار مع أوكرانيا، التي قال إنها مستعدة للمفاوضات. وصرح روبيو للصحافيين بعد محادثات استمرت أكثر من ثماني ساعات في جدة بأنهم «سينقلون هذا العرض الآن إلى الروس، ويأملون أن يوافقوا على السلام. الكرة الآن في ملعبهم».
فيما أعرب مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز عن أمله في إنهاء الحرب في أوكرانيا، بعد أن قبلت كييف اقتراح هدنة الـ30 يوماً مع روسيا، وخوض مفاوضات فورية. وأفاد والتز: «لقد انتقلنا من مسألة ما إذا كانت الحرب ستنتهي إلى كيفية إنهائها»، مضيفاً أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب «حرّك الحوار العالمي بأكمله». وقال والتز إنه سيتحدث إلى نظيره الروسي.
وعقدت الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا مباحثات إيجابية في مدينة جدة، غرب السعودية. والتقى وفدا البلدين بحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد العيبان، ومثّل الجانب الأميركي في جلسة المحادثات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، فيما مثل الجانب الأوكراني مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، ووزير الخارجية أندري سيبها، ووزير الدفاع رستم عمروف. ووفقاً لمصادر مطلعة، سادت أجواء إيجابية خلال المناقشات بين الجانبين.
وقال رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية، أندري يرماك، الذي يقود وفد بلاده، إن المباحثات اتسمت ببداية «بناءة» للقاءات بين الطرفين المخصصة للبحث في تسوية للحرب بين موسكو وكييف. وقال يرماك، في منشور عبر «تلغرام» مرفق بصور للقاء، إن «الاجتماع مع الفريق الأميركي بدأ بشكل بنّاء للغاية، نعمل على إحلال سلام عادل ومستدام» بعد 3 أعوام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
تأتي هذه المحادثات في وقت يكثّف فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب من ضغوطه على كييف لإنهاء الحرب التي بدأت بالغزو الروسي لأوكرانيا في 2022. وتأمل كييف أنّ يؤدي عرض الهدنة الجزئية لإقناع واشنطن باستئناف مساعداتها العسكرية لها، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والوصول إلى صور الأقمار الاصطناعية، التي أوقفتها واشنطن بعد مشادة حادة في البيت الأبيض بين ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وذكرت الرئاسة الأوكرانية أن الولايات المتحدة «سترفع على الفور الوقف المؤقت لتبادل المعلومات الاستخباراتية، كما ستستأنف المساعدة العسكرية لأوكرانيا»، وأفادت بأن الوفدين الأميركي والأوكراني ناقشا أهمية جهود الإغاثة الإنسانية كجزء من عملية السلام، خصوصاً خلال وقف إطلاق النار المقترح «بما في ذلك تبادل الأسرى والإفراج عن المعتقلين المدنيين، وإعادة الأطفال الأوكرانيين المنقولين قسراً».
واتفق الوفدان على تسمية فريقيهما والبدء فوراً في مفاوضات نحو سلام دائم يوفر الأمن لأوكرانيا على المدى الطويل، وتعهدت الولايات المتحدة بمناقشة هذه المقترحات مع ممثلين من روسيا، حسب بيان الرئاسة الأوكرانية.
وأكد الوفد الأوكراني أن الشركاء الأوروبيين سيشاركون أيضاً في عملية السلام. وعلى الصعيد الاقتصادي، قالت الرئاسة الأوكرانية إن البلدين اتفقا على الإسراع في إبرام اتفاقية شاملة تهدف إلى تطوير الموارد المعدنية الحيوية في أوكرانيا «لتعزيز اقتصادها وتعويض تكلفة المساعدات الأميركية، وضمان ازدهار أوكرانيا وأمنها على المدى الطويل».
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد أن «موقف أوكرانيا في هذه المحادثات سيكون بنّاءً بالكامل»، وذلك عقب لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصفه بـ«اللقاء المتميز»، مشيداً بجهود ولي العهد في تعزيز فرص تحقيق سلام حقيقي.
إلى ذلك، قال المستشار العسكري السابق في الخارجية الأميركية، عباس داهوك، إن هذه الاجتماعات يمكن أن «تلعب دوراً حاسماً في استعادة الثقة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا». وأوضح داهوك، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه «المناقشات رفيعة المستوى وفرت فرصة لتوضيح الالتباسات، وتوحيد الأولويات الاستراتيجية، وإبراز الأهداف المشتركة في مواجهة العدوان الروسي المستمر».
وأضاف: «مع ذلك، فإن مدى نجاحها سيعتمد على الالتزامات السياسية الملموسة، وما إذا كان الطرفان قادرين على معالجة الإحباطات الناجمة عن تأخير المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية أو التغيرات السياسية في واشنطن». ولفت المستشار العسكري إلى أن «تحقيق اختراق دبلوماسي فعلي يعتمد على مدى استعداد روسيا للتفاوض بشأن استعادة الأراضي المحتلة، وكذلك على الأهداف الاستراتيجية لأوكرانيا فيما يتعلق بعلاقتها الأوسع مع أوروبا وحلف الناتو».