مقالات صحفية
رقائق المستقبل وحرب أشباه الموصلات
الإثنين - 04 نوفمبر 2024 - الساعة 11:49 م
أشباه الموصلات أصبحت العصب الأساسي للتكنولوجيا الحديثة، حيث تدخل في تصنيع الأجهزة الإلكترونية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والأنظمة العسكرية , في 2021 قُدِّرت قيمة سوق أشباه الموصلات بحوالي 553 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز تريليون دولار بحلول 2030، مدفوعةً بالنمو في الطلب على الأجهزة الذكية، السيارات الكهربائية، والروبوتات…!
مع ذلك، تُعتبر هذه الصناعة مسرحاً لصراع عالمي ليس للعرب فيه ناقة ولا جمل ، حيث تزداد حدته مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين.
تهيمن تايوان وكوريا الجنوبية على سوق تصنيع الشرائح، حيث تسيطر شركة TSMC التايوانية وحدها على أكثر من 54% من إنتاج أشباه الموصلات المتطورة، بينما تأتي سامسونج الكورية الجنوبية في المرتبة الثانية بحصة تصل إلى 25% وتسعى الولايات المتحدة لتعزيز صناعتها المحلية من خلال (قانون الشرائح ) الذي خصصت له 52 مليار دولار، بهدف تقليل الاعتماد على الموردين الآسيويين وفي المقابل تضخ الصين استثمارات ضخمة بقيمة 150 مليار دولار منذ 2014 لتطوير صناعتها الخاصة وتقليل الاعتماد على الخارج.
يشهد الطلب على الشرائح المتقدمة ازدهاراً غير مسبوق بسبب التطبيقات المتزايدة للذكاء الاصطناعي، حيث تتطلب هذه التطبيقات معالجات ذات أداء فائق لتنفيذ عمليات معقدة ومعالجة كميات ضخمة من البيانات ، وتُستخدم هذه الشرائح في مجالات مثل التعلم العميق، السيارات الذاتية القيادة، والروبوتات الذكية ، مع توقع زيادة الطلب على الشرائح المتقدمة بنسبة 50% بحلول 2030، تصبح المنافسة في هذا المجال أكثر شراسة. تسعى شركات مثل إنفيديا ، إنتل ، وAMD لتطوير شرائح جديدة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من أهمية هذه المعركة الاقتصادية.
في المستقبل، قد تتوجه الجهود نحو تقنيات تصنيع الشرائح الكمية لاستخدامها في الحوسبة الفائقة والذكاء الاصطناعي المتقدم، أو استثمار مواد مبتكرة مثل الجرافين لتحسين الأداء وتقليل استهلاك الطاقة ، وتتعاظم الأهمية الاستراتيجية لأشباه الموصلات، حيث تحدد السيطرة عليها قدرة الدول على الحفاظ على التفوق التكنولوجي. في هذا السياق، تظل حرب أشباه الموصلات معركة لا تقتصر على اقتصاد السوق، بل تمتد لتشكل ساحة صراع جيوسياسي سيعيد تشكيل موازين القوى العالمية، ويحدد مستقبل الثورة الرقمية القادمة.